لماذا يحث الحكماء علي التجاهل ..؟

كتبت : علا هويدي
لا يعني التجاهل أن تجتنب فقط ما يؤذيك ،،،
بل إن هذه الكلمة ليست بكلمة هينة و لكنها تحمل في طياتها العديد من المعاني العميقة و الصفات المطلوبة و الخلق الحسن …
و لا نعني بالتجاهل هنا ،،، التعالي علي الاخرين و ما يسمي بالغرور او بالصلف ،،، و لكننا نعني غض الطرف عن كل من و ما يؤذيك ،،،
و ليس في هذا اية مخالفة لما شرعه الله ،،، بل هو تحقيق لما يجب ان يتصف به الفرد ،،،
فالتجاهل صفة محمودة أمرنا بها الله سبحانه و تعالي ، و حث الكثير من الحكماء و اولي العلم علي اتباعها .
و هنا اقتبس مقولة فاضلة لشخصية فاضلة يقول فيها …
( البشر صنوف وهيئات )
منهم من إن عاملته برقي خلقك عاملك بخلق ارقي و احب …
ومنهم من إن عاملته برقي خلقك وجدته يتعالي عليك …
لذا ضع نفسك حيث تستحق ، ولا تبذل التواضع إلا في موضعه ، حتى لا يصير خضوع …
فالأولي خلق والثانية مذلة و مهانة ،،،
إذا رأيت الرجل يشتري الخسيس بالنفيس ويبيع العظيم بالحقير فاعلم انه سفيه و لا يستحق العناء .
و لصفة التجاهل شأن عظيم ، فالقليل من التجاهل يعيد كل شخص إلي حجمه الطبيعي و من تجاهل الاسأة ليس بعاجز عن ردها ،،، و لكنه عرف قدر المسئ فتجاهله ،،،
فخلق التجاهل و الاعراض عن الجاهلين هو من اسمي صفات الصالحين و الحكماء ،،، فالمرء اذا ما تعلم التجاهل فقد اجتاز نصف مشاكل الحياة ،،، فليس كل ما يقال يستحق الرد او العتاب … فهؤلاء لا يجدي ذلك معهم نفعا ،،،
و كما قال الراحل العظيم ابراهيم الفقي …
احياناً نحاول فتح الباب … فنفشل فندفعه بقوة … فنتألم ثم نكتشف انه يُفتح في الإتجاه الآخر … فنضحك كذلك هي المشاكل تُحل بالعقل و بالبصيرة لا بالقوة و لا ببذل الجهد في غير موضعه
فان لم تتقن فن التجاهل فستخسر الكثير و اولهم عافيتك ،،، لذا عليك ان تعرضت للاذي ان تسمع ،،، ثم تبتسم ،،، ثم تتجاهل ،،، اما عتاب من لا يستحقون الاهتمام فهو جدال عقيم ، و نقاش غير مثمر .
فمن يتجاهلك مرة فعليك ان تتجاهله الف مرة ، و لا تعاتبه فهو لا يحبك ،
فمن يحبك حقا يشتاق اليك و يسأل عنك و لن يبكيك ابدا ،،،
و لكن من يستفزونك ليخرجوا اسوأ ما فيك ليقولوا هذا انت ،،، فلك ان تتجاهلهم او ترد عليهم بان هذا ليس بأنت و لكن هذا ما يريدونك عليه …
فأنسي العتاب و لا تكثر من الكلام ، فمن تم عقله ، نقص كلامه … فالمرء لا يكفيه ان يكون ذا عقل جيد ، و لكن الاهم هو ان يحسن استخدام هذا العقل …
فلقد وهبنا الله الكثيرمن الطاقات روحا و عقلا و جسدا و عاطفة ، و الانسان الناجح هو من يوازن بين هذه الطاقات الاربع …
إن سر صحة العقل والجسد يكمن في أن لا تبكي على الماضي ، وأن لا تقلق بشأن المستقبل ، وأن لا تتوقع المصائب وإنما تعيش الوقت الحاضر بحكمة وبتعقل للأمور.
فتجاهل من يتجاهلك ، و اهتم بمن يهتم بك ، و سلاما علي من رحل من حياتك … فالتجاهل صدقة جارية علي فقراء الادب …